المَصرِف والبنك هما مُصطلحان يُستخدَمان للإشارة إلى المكان الذي يعتمد على التقاء كلٍّ من الطّلب والعرض على النّقود؛ أي يعملان كأوعيةٍ تُستخدَم لجمع المُدَّخَرات الماليّة، ومن ثمّ يُضَخّ هذا المال إلى المُنشآت المُتنوِّعة والأفراد، ويقبل كلاهما كافّة الأموال التي تُشكّل ودائع ماليّةً من الأشخاص الذين يمتلكون مالاً فائضاً عن حاجتهم، ويكون مديناً بقيمة هذا المال لأصحابه، كما يُقدّم الأموال كديونٍ لأشخاص آخرين؛ حتى يستخدموها في تحقيق مجموعة من الفوائد الخاصّة بهم.[١]
الفرق بين المَصرِف والبنكتُطلَقُ كلمة مَصرِف أو بنك بشكلٍ عامّ على أي مُؤسّسةٍ مُتخصِّصةٍ في التعامل مع النّقود بإقراضها؛ لذلك لا توجد فروق بين المَصرِف والبنك، ولكن يوجد فرقٌ واحدٌ رئيسيٌّ وهو في الأصلِ اللغويّ لكلا المُصطلحين؛ حيث إنّ المصدر الخاصّ بكلمة بنك أصبح مرتبطاً مع كلّ عنوان مُؤسّسةٍ مَصرِفيّة، وكلمة بنك هي المُقابل العربيّ للّفظ الإنجليزيّ (Bank)، وانتقلت إلى العالم المَصرِفيّ العربيّ عبر العالم المَصرِفيّ الغربيّ.[٢]
يعود الأصل اللغويّ للكلمة الإنجليزيّة (Bank) إلى الكلمة الإيطاليّة (Banko)، ومعناها الطاولة الخشبيّة، واستُخدِمت للإشارة إلى الطاولات التي استخدمها الصّيارفة في الماضي لتنفيذ مهنة الصِّرافة، فكانت مُنتشرةً في ذلك الوقت في المُدنِ الإيطاليّة الشماليّة؛ وتحديداً مع أوائل عصر النهضة في قارّة أوروبا، ومن ثمّ انتقلت هذه المهنة إلى الدُّوَل الأوروبيّة الأُخرى.[٢]
عند دراسة أصل كلٍّ من كلمتَي البنك والمَصرِف، يظهر أنّ الأصل اللُّغويّ الخاصّ بمُصطلح مَصرِف التابع للُّغة العربيّة مُتّفِقٌ مع دلالة مُصطلح بنك والتّعريف الاصطلاحيّ الخاصّ به، والذي أصبح مع الوقت المفهوم المُستخدَم للإشارة إلى كلمة مَصرِف؛[٢] حيث يُعرَّف المَصرِف مُعجميّاً بأنّه البنك؛ أي المُنشأة التي تُنفّذ العمليّات المُتخصِّصة في الائتمان، مثل: تقديم المال على شكل قروض، وقبول الودائع الماليّة،[٣] بينما يُعرَّف البنك مُعجميّاً بأنّه المَصرِف؛ أي المُؤسّسة التي تُطبِّق العمليّات الائتمانيّة، مثل: الإقراض الماليّ، واستثمار الأموال والودائع.[٤]
نبذة تاريخيّة عن المصارف والبنوكتُظهِر الدّراسات المُتخصِّصة في التاريخ أنّ العمليّات المَصرِفيّة والماليّة الأولى ظهرت عام 3500ق.م، وتحديداً في حضارة ما بين النّهرَين؛ حيث انتشرت شبكة مُهمّة من المصارف، واحتاجت إلى إنشاء قواعد تتحكّم في نشاطاتها، وشهدت العمليّات المَصرِفيّة تطوُّراً في الحضارة اليونانيّة القديمة، فانتشر الصّيارفة والمُقرِضون في الأسواق، وصاروا يُنفِّذون عمليّات البنوك؛ عن طريق منح القروض الماليّة وجمع الودائع، ومن ثمّ سيطر الرّومان على المناطق اليونانيّة، ولكنّهم حصلوا على أفكارهم المَصرِفيّة من الإغريق؛ لأنّهم كانوا يعملون في الزِّراعة أكثر من التِّجارة.[٥]
إنّ الشّكل الحديث للمصارف يعود إلى أواخر عصر القرون الوُسطى؛ أي بين القرنين الثّالث عشر والرّابع عشر للميلاد، وتحديداً عندما انتشرت العمليّات التجاريّة في المُدن والمناطق الإيطاليّة؛ ممّا أدّى إلى زيادة الثّروات الخاصّة بالتُّجار الإقطاعيّين. وللمُحافظة على هذه الأموال من السّرقة، حرص أصحابها على إيداعها عند أصحاب محلّات الصِّياغة والصِّرافة، مقابل حصولهم على شهاداتٍ تُوثّق ملكيَّتهم لها، ومع الوقت ازدادت ثقة الأفراد في عمليّات الصرافة؛ ممّا أدّى إلى ظهور شهادات إيداعٍ خاصّةٍ بحامليها، وتُعدّ الأساس الأوّل للشّيكات.[٥]
في القرن الخامس عشر للميلاد وتحديداً في مطلع عصر النّهضة، شهد النّشاط المَصرِفيّ تطوُّراً جديداً؛ بسبب زيادة تدفُّق الذّهب، وفي القرن السّادس عشر للميلاد ظهر أوّل أشكال المصارف التجاريّة؛ حيث أُسِّس مَصرِف أمستردام عام 1609م، كما أُسِّس مَصرِف ستوكهولم الذي يُعدّ أوّل بنك استخدم الأوراق النقديّة وفقاً لتصميمها في الوقت الحاليّ.[٥]
أنواع المصارف والبنوكتُقسَم المصارف والبنوك الموجودة في بيئة الأعمال إلى عدّة أنواع، وكلّ نوعٍ منها يتميّز بأسلوب عملٍ خاصّ به، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ أنواع المصارف والبنوك:[٦]
المقالات المتعلقة بالفرق بين المصرف والبنك